أعلم ُ أنَّ ملك السلام قادمٌ في العيد ْ. وأعلم أنَّه لمْ يلدْ في قصر منيفٍ
بل في مذودٍ ومغارةٍ ، كي يعلمنا التواضع والمحبة.
ثق ياسيدي لقد تعلمناها جيداً تلك خصالك وآمنَّا بتعاليمكَ.
قلت لنا :”… وأحبب قريبك كنفسك ” أتدري إننا ندفع ضريبة تلك
المحبة حينما حسبنا أن القريب هو كل إنسان آخر عنا.
علمتنا أن لانجازي شراًً بشر، وها نحن نجنى ثمر طاعتنا ووداعتنا.
وقلت : “..باركوا لاعنيكم… وصلوا لأجل الذين يُسيئون إليكم..\”
ولأجل هذا ماتعلمنا الخصام ولا كيف نمسك السيف و نقاتل من يقاتلنا.
****
أعلمُ أن جوقات من الملائكة راحت تنشد بقدومك أعذب الألحان
وتدعو الناس للفرح وللمسرة. أية مسرة في قلوبنا يايسوع، وأية ألحان
شجية، والخراب لم يترك لنا آذان، و الموت لم يدع موضعاً للفرح فينا.
ومابين خيمة داخل الوطن أو خارج الحدود نازحون أصبحنا. هذه حالة شعبنا،
من لايعرف كيف يميز مابين أخٍ وجار … ما حاله يا ترى ونحن على ابواب شتاء
لايرحم، وعواصف ترعد كي تقتلعنا، هناك كي يستدفئوا بالأغصان،
ونحن في غربة مرَّةٍ ننعمُ كي لا تبقى لنا جذور.
****
لقدْ وصلتْ هديتكَ يا يسوع. أرسلتَ هذه الثلوج لعل هؤلاء القساة يرتاحون،
فيفكرون أي بطش وفتك هم يفعلون. فإن جئت هذه الليلة لا إلى خيامنا،
بل عند هؤلاء من تجبروا، والملفحون بالسواد من أستأسدوا ..، إليهم
تعال كي تلمس قلوبهم يا يسوع.
****
بحق صبيةٍ قصت جدائل شعرها لتعلن الحداد لأجل وطن.
بحق الدروب التي أثخن الدمار فيها، وبيوت هجرتها الطيور وماعادت ترجع
إليها. بحق معاملنا التي سُرقت، وكنائسنا التي تهدمت، ومآذننا التي تفجرت.
بحق مدنٍ تغيرتْ أسماؤها.
بحق وحدة ترابه وطني، من راح يفصله المدعون كل على مقاسه.
بحق الشامخات جباله وهضابه، والكريمات سهوله، والوادعات روابيه وتلاله.
والحالمات تلك الرمال في ساحله. بحق آبار نفطه في شرقه وشماله.
بحق كل ذرة تراب مغتصبة من أرضه.
بحق هذا ميلادك ليرحموا وطناً قبل أن يضيع مثل غيره.
بحق كافة المخطوفين من أبناء وطني، لأي جهة أنتموا، وفي يد من هؤلاء قد وقعوا.
فهل سمعتني، حررهم ياسيدي يسوع
****
إنْ نحن أحببنا وطناً… لكن هجرناه.
وإنْ رفعنا إليك هذه أحزاننا،
فهل تسمح لنا أن نعبىء صدورنا برؤياه
إذاً تعال الآن سيدي
ضمّد جراحنا، وأمسح دموعنا،
وحلَّ في مغارةٍ تشتاقُ،
لمن القلوب دائماً سكناهُ.
بقلم: المهندس إلياس قومي