يكثر الحديث في هذه الفترة من كل عام عن “حرب ضد عيد الميلاد”، فمن هم الذين يشنّون هذه الحرب؟ هل هم غرباء عن الديانة المسيحية أم مسيحيّون؟
يُحكى أن المتاجر تتمنى “عطلة سعيدة” بدلاً من “ميلاد مجيد”. على سبيل المثال، نشر مؤخراً شاب إنجيلي شريطاً مصوراً على موقع فايسبوك أعلن فيه أن شركة ستارباكس “أزالت عيد الميلاد عن أكوابها لأنها تكره يسوع”. حصل الفيديو على نسبة مشاهدة عالية واعتبر فيه الشاب أن الكوب “يرمز إلى حرب أضخم على المسيحية”. واستند في رأيه إلى اختيار الشركة اللون الأحمر لأكوابها من دون أن تكتب عليها أي عبارة مرتبطة بعيد الميلاد. فصدر بيان عن ستاربكاس جاء فيه أنها ستستمر في الترحيب بجميع الزبائن من كل الخلفيات والديانات في متاجرها حول العالم. ولكن، بحسب أحد المعلقين على الفيديو، هل نحن بحاجة إلى مقهى ليكون سفير المسيح على الأرض؟ في هذه الحالة، لا شك أن هناك خللاً في علاقتنا مع الله لا بد من إصلاحه.
عيد الميلاد بالنسبة إلى المسيحيين هو احتفال بميلاد المسيح من أمّ عذراء ليكون عمانوئيل – الله معنا. أما بالنسبة إلى العالم، فهو متعلق بـ “الاستهلاك”، حسبما ذكر جيسي كيري الذي يعمل محرراً في مجلة Relevant في مقالته المعنونة “الحرب الفعلية ضد عيد الميلاد”. قال إن “الحرب على عيد الميلاد” ترتكز على فكرة مفادها أنه “ينبغي على الثقافة الأميركية أن تعكس القيم المسيحية. ولكن الحقيقة هي أن هذه القيم تتعارض مع بعضها البعض بغض النظر عما إذا كنا نتلقى بياناً في البريد الإلكتروني يقول “ميلاد مجيد” أو “عطلة سعيدة””. يبدو أن الناس الذين يخوضون هذه الحرب المزعومة على عيد الميلاد يريدون أن تُعرَض قيمهم المسيحية وتُبيَّن في التسويق الذي يرونه والمنتجات التي يشترونها والمتاجر التي يقصدونها. ولكن، هل هذا ما يتمحور حوله عيد الميلاد؟
واعتبر كيري أن “ما يحتفل به المسيحيون في عيد الميلاد وما تحتفل به الثقافة أمران مختلفان”. كمسيحيين، يجب أن نحافظ على المسيح في عيد الميلاد ولكن يجب ألا نتوقع من العالم الدنيوي أن يتصرف مثلنا كمؤمنين. فإذا فرضنا معتقداتنا على عالم لا يشاركنا إياها، نعكس بضعف حقيقة الله وسبب مجيئه إلى هذه الأرض. هو لم يأتِ لكي يشنّ حرباً ويخوض معارك ضد عديمي الإيمان ويجادل بشأن طريقة الاحتفال بميلاده. جاء ليُظهر حب الله ويدعو الجميع إلى علاقة شخصية وودية معه ليشمل الجميع برحمته ونعمته ومغفرته ويُفسح لنا المجال لنمضي الأبدية معه.
إذاً، يجب أن نركز بشكل أكبر على أولوياتنا في هذا الزمن. لنتساءل: “هل نخوض معارك غير ضرورية أو نشارك حب المسيح مع العالم؟”. ولفت كيري إلى أن هناك حرباً فعلية على عيد الميلاد وإنما ليس في المواد التسويقية أو الإعلانات. “الحرب الفعلية على عيد الميلاد تحصل في كل واحد منا عندما نحاول التوفيق بين قيم ثقافة الاستهلاك وميلاد مخلّص يريد منا أن نتخلى عن أمور هذا العالم. وهذه هي الحرب التي يجب أن نستمر في خوضها”. في زمن الميلاد، ركزوا على المسيح بدلاً من النزعة الاستهلاكية، على العطاء بدلاً من الأخذ. أحبوا جاركم، بخاصة الجار الذي يختلف عنكم أو لا يحتفل على طريقتكم بعيد الميلاد. ليكن المسيح محور عيد الميلاد وتذكروا أن يسوع هو أعظم هدية يمكن أن نشاركها مع العالم.
aleteia.org