جلس شاب بجانب أحد رجال الأعمال في القطار. هذا الشاب كان بعمر لم يزد عن السابعة عشر عاماً. كانت تبدو عليه علامات القلق والتوتر، فلم يتكلم مع أحد، بل كان ملصقاً وجهه باهتمام بالغٍ على إحدى نوافذ القطار، وكأنه ينتظر أن يرى أحداً من الخارج، لكن من يستطيع رؤية أي شيء وسط ذلك الظلام الحالك.
مضت الحال هكذا معظم الليل، وأخيراً انقطع الصمت، عندما سأل الشاب، رجل الأعمال الجالس عن الساعة. أجابه رجل الأعمال عن سؤاله، ثم أردف قائلاً، لا أعتقد أنّ القطار يقف في محطة Smithville، لإنها مجرد ضيعة صغيرة. أجابه الشاب، لقد كنت أعيش في هذه القرية الصغيرة، ووعدني المسؤول بأن يوقف القطار، ليتسنى لي النزول.
عاد الصمت مرة أخرى، لكن ما أن بدأ الحديث من جديد، حتى أخبر الشاب قصة حياته. فقال: منذ أربعة أعوام، كنت أعيش مع عائلتي في Smithville، إلى أن جاء يوم حين أرتكبت أمراً ردياً جداً، ودخلت السجن، وبعد خروجي ضاق بي الأمر، فقررت الرحيل. فلم أودّع أحداً، بل غادرة البيت فجأة، وها قد أصبح لي أربعة سنين أعاني من الوحدة، وأنتقل من مكان إلى مكان، حيث أعمل بضعة شهور هنا وأخرى هناك.
سأل رجل الأعمال الشاب: وهل ينتظر أحد عودتك؟ أجابه لست أعلم؟ لقد أرسلت رسالة إلى والدي منذ بضعة أسابيع، أخبره فيها بأنّ القطار سيمرّ في هذا اليوم من قريتنا وبالتحديد من أمام بيتنا الذي لا يبعد سوى أمتار عن المحطة، وطلبت منهم أن يعطوني علامة. فإن كانوا يريدون مسامحتي، ويقبلونني من جديد في البيت، فما عليهم إلاّ أن يضعوا منديلاً أبيضاً على الشجرة التي تقابل منزلنا، وإلاّ فلن أعود إلى الأبد.
ازدادت ضربات قلب ذلك الشاب، عندما اقترب منه المسؤول عن القطار، معلنا بإن Smithville أصبحت على بعد 5 دقائق فقط، وعليه أن يخبره بأسرع وقت ممكن، ليتسنى له إيقاف القطار. وحاول الشاب أن يقف ليرى مترقباً من النافذة، فلم تحمله قدماه، واضطرب قلبه وأخذ يخفق بشدة. فطلب من الرجل الذي بجواره أن ينظر من النافذة، ليرى إن كان هناك أي شريط أبيض كان قد عُلّق على الشجرة.
وكان الصمت يسود، والدقائق تمر وكأنها ساعات… وسأله الشاب وهو مضطرب: هل ترى أي شريط أبيض!، فأجابه الرجل لا. اتسعت عيناي الشاب وهو يقول بفرح وبصوت عال: هذه الشجرة عليها أشرطة بيضاء، وهذه الأخرى، وسور الحديقة، وعلى شبابيك البيت، أنظر هنا وهناك. نعم كان يقولها وصوته يتختنق من شدة الفرح، وكأن السماء قد أمطرت هذه الشرائط!
إنّ محبة ذلك الأب لابنه دفعته بأن يعلّق كل ما كان لديه من أقمشة بيضاء، معلناً رغبته في المصالحة، وفي رجوع إبنه إليه، فحال وصول رسالة هذا الشاب إلى أهله، لم يعد لذلك الأب ولتلك الأم أية مقدرة على الانتظار. لقد أشتاقوا إليه كثيراً، ولطالما انتظروا عودته. أخذت تلك الأم كل ما عندها من شراشف بيضاء معلقة إياها على سطح البيت، ثم قال الأب في نفسه، لعل إبني لم ينتبه إلى تلك الشراشف وسط الليل، فأخذ يلف الأشجار التي أمام البيت، بكل ما وجد عنده من أقمصة بيضاء.
أخي العزيز .. أختي العزيزة، جميعنا يذكر مثل الأبن الضال.. إن الله بيّن محبته لنا دائماً. إذ ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا. لم يعلق الله أقمشة بيضاء، لكنه من أجل خطاياي وخطاياك أنت، علَّق إبنه على الصليب. إنّ الإنسان لم يصالح الله، لكن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه.
إن الله يريد مصالحتك، وأعدّ لك كل شيء.
هل ترغب في المصالحة؟
الآن تصالح مع خالقك الذي يحبك، إنه في انتظارك. وكما قال أحد الآباء: “إصطلح مع نفسك، تصطلح معك السماء والأرض”.
رصد انترنت
قنشرين ـ بتصرف
ابواب الملك مفتوحة في كل الاوقات ،فكل من يلتجئ اليه يفتح له ويعينه،
يا رب ارحمنا في في هذا العالم وفي الآتي ولتسترنا مارحمك
🙏🏥