كما هو معلوم فإنّ القدّاس الإلهي يقوم أساساً على إشراك المؤمن في الخدمة لينال منفعة روحية لخلاصه. ففي القدّاس بحسب طقس الكنيسة السريانية الأرثوذكسية (كما رتّبه الآباء) هناك مقاطع يتلوها رجل الدين (المحتفل بالخدمة)، ومقاطع يتلوها الشمامسة، ومقاطع أخرى مخصّصة للمؤمنين.
إنّ معظم النصوص والصلوات التي يُفترَض أن يتلوها المؤمنون انتقلت إلى الشمامسة وجوقة الكورال. وما يفعله المؤمنون في القدّاس اليوم هو الجلوس والاستماع من دون المشاركة الفعلية، ما يجعلهم يفقدون منفعتهم الروحية الحقيقية وتواصلهم مع الخالق. إضافةً إلى ابتعاد العديد من الأبناء عن الكنيسة، بسبب عدم فهمهم للقدّاس الإلهي أو عدم توفّر المشاركة فيه.
المشاركة الجماعية
وفق مقترحات عملية قابلة للتنفيذ، يمكن المؤمن أن يستعيد دوره الفعلي في المشاركة الجماعية في أثناء خدمة القدّاس الإلهي، من دون أيّ تغيير في نصوص خدمة القدّاس (الليتورجيا). وفي الوقت نفسه تتمّ المحافظة على اللغة السريانية. وبهذا نتمكّن من إشراك المؤمن في الخدمة وتحقيق التزامه بكنيسته، لا بل نبيّن أهمّية اللغة السريانية وربّما ندفع الأجيال بجدّية إلى تعلّمها.
قبل البدء بطرح آلية تطبيق هذه المشاركة وتنفيذها، يجب أن نكون على يقين بأنّ نجاح هذه المبادرة يتوقّف على تعاون الإكليروس والشمامسة والشمّاسات والمجلس الملّي ولجان الكنيسة والشعب أيضاً، ويجب علينا عدم الحكم على نجاح المشاركة أو عدم نجاحها قبل عام واحد على الأقلّ من البدء بتنفيذها.
آلية التنفيذ
بشكل اعتيادي تقوم معظم الكنائس السريانية باستعراض نصوص القدّاس الإلهي على شاشة عرض. ولتنفيذ المشاركة الجماعية يجب انتقاء جمل قصيرة من القدّاس، والتي هي أساساً مخصّصة للشعب، وعرضها على الشاشة، بحيث تظهر كما يلي: (1) النصّ السرياني مكتوباً بالحرف السرياني، (2) والحرف العربي، (3) وحرف لغة الدولة (السويدية، أو الإنكليزية… إلخ)، بالإضافة إلى (4) ترجمته إلى العربية، (5) وإلى لغة الدولة. وهذا ما يجعل المؤمنين يفهمون معنى الصلوات والتراتيل ويشتركون معاً في إنشادها. في ما يلي مثال توضيحي (لغة الدولة هي اللغة السويدية مثلاً):
• المستطيل الأحمر الموجود أسفل شريحة العرض، يمثّل إشارة تنبيهية للمؤمنين، أي إنّ شريحة العرض التالية هي خاصّة بهم (بالمؤمنين).
• المستطيل الأزرق الموجود أسفل شريحة العرض، يعني أنّ النصّ الحالي خاصّ بالمؤمنين ويقومون الآن بقراءته أو ترنيمه.
• الرمز الموجود في أسفل يمين الصورة يعني وقوف الشعب في أثناء هذه القراءة. ألوان المستطيلات اختيارية.
• تمكن الاستعاضة عن المستطيل الأزرق، بكتابة كلمة “الشعب” أعلى الشريحة.
تحفيز المؤمنين على القيام بدورهم في المشاركة
في الحقيقة، هذه هي أهمّ مرحلة من مراحل العمل. فعليها يتوقّف نجاح المشاركة أو إخفاقها. فكلّما قمنا بواجبنا ببعض من الجهد، تحقّق لنا هدف سامٍ نطمح إليه كما شعبنا السرياني منذ سنين طويلة.
لتوجيه المؤمنين وتحفيزهم على المشاركة، يقف أحد الشمامسة أمام الهيكل اليميني أو الهيكل اليساري، ووجهه إلى الشعب للقيام بدور الموجّه، بحيث يتلو الصلوات المخصّصة للشعب، مع توجيه الحاضرين وتحفيزهم على القيام بذلك معاً. (كما يمكن أن يوجد شمّاس آخر – وجهه باتّجاه شاشة العرض – ويستعين بقلم ضوئي ليزري يتمّ تسليطه على النصّ).
يظهر في الصورة الشمّاس الموجّه وبيده الميكرفون (وجهه باتّجاه الشعب)
وأيضاً الشمّاس الذي يحمل قلم ضوئي ليزري (وجهه باتّجاه شاشة العرض) – وجود هذا الشمّاس اختياري
ملاحظة: في الكنائس الكبيرة يُفضَّل أن يقف اثنان من الشمامسة الموجّهين، أحدهما أمام الهيكل اليميني والآخر أمام الهيكل اليساري. وقد يختلف موقع الشمامسة بالنسبة إلى شاشة العرض بحسب تصميم الكنيسة وقابلية الرؤية.
المحفّزون
وفق لقاءات خاصّة يتمّ اختيار من 4 إلى 8 أشخاص من شبّان وشابّات الكنيسة وتدريبهم على النصوص المحدّدة للشعب. ومن ثمّ توزيعهم بين صفوف المؤمنين، ليقوموا، هم أيضاً، بدورهم التحفيزي.
الصورة تمثّل عدداً من شبّان وشابّات الكنيسة وهم يقومون بدورهم التحفيزي
مراحل التطبيق
في المرحلة الأولى، أي في الأشهر الستّة الأولى من التطبيق، يتمّ انتقاء نصوص مشاركات قليلة، بحيث لا يتجاوز عددها 10 مشاركات، وتتمّ قراءتها من دون لحن (أو ترنيمها مستقبلاً مع لحن يتوافق مع لحن القدّاس). وفي المرحلة الثانية، يتمّ رفع عدد المشاركات تدريجيّاً، بحيث تشمل أغلبيّتها بعد عام ونصف العام تقريباً.
المشاركة الإفرادية
يمكن لبعض المؤمنين أن يشاركوا إفراديّاً في خدمة القدّاس الإلهي:
• قراءة الرسالة.
• قراءة إحدى التوبدينيات باللغة السريانية أو العربية أو لغة الدولة.
• وهناك مشاركات من الممكن أن تُضاف إلى ما سبق.
أحد المؤمنين يقرأ الرسالة من الإنجيل المقدّس أو يقرأ إحدى التوبدينيات
لجنة التنسيق والمتابعة
لضمان نجاح هذه المقترحات، لا بدّ من تشكيل لجنة مصغّرة مؤلّفة من شخصين أو ثلاثة أشخاص، أحدهم من الشمامسة، أمّا العضوان الآخران فمن الكشّافة، أو أخوية الشبيبة، أو لجنة المرأة، أو العائلات… تكون مهمّة هذه اللجنة التنسيق والمتابعة، وكذلك اختيار الشمامسة للقيام بالدور التوجيهي، وكذلك التنسيق واختيار الأعضاء للقيام بدورهم التحفيزي.
مهمّة اللجنة أيضاً التعريف والشرح التفصيلي لآلية العمل أمام المؤمنين جميعاً في أثناء خدمة القدّاس الإلهي. ويُفضَّل إجراء ذلك عدّة مرّات.
أدوات المشروع
• جهاز العارض Projector مع شاشة العرض.
• حاسوب مع برنامج PowerPoint.
• ملفّ القدّاس الإلهي PowerPoint بحيث يكون متوافقاً مع المقترحات التي تمّ ذكرها أعلاه.
• قلم ليزري (اختياري).
• لجنة التنسيق والمتابعة.
ملاحظات:
• هناك كنائس تقوم ببعض أنواع المشاركات الفردية. وما نقدّمه نحن ونركّز عليه هنا هو آلية تنفيذ وتطبيق مقترحات المشاركة الجماعية، التي، إذا ما وُجدت في عدد من الكنائس، فإنّما هي مشاركة محدودة.
• دور لجنة التنسيق مع الموجّهين والمحفّزين هو مؤقّت، ويتضاءل نسبياً، شيئاً فشيئاً، إلى أن يتدرّب المؤمنون على الترانيم والقراءات الخاصّة بهم. وبمرور الوقت يصبح الشعب هو المدرّب الحقيقي للوافدين الجدد إلى الكنيسة.
• يتمّ اختيار المقاطع التي يتلوها المؤمنون كما هي في كتاب خدمة القدّاس الإلهي، بحسب طقس الكنيسة السريانية الأرثوذكسية. ونقوم حاليّاً بالتنسيق مع الأب الربّان الدكتور يوحانون هابيل، مدير إكليريكية مار إغناطيوس للسريان الأرثوذكس في استوكهولم، لإعداد ملفّ القدّاس الإلهي PowerPoint بما يتوافق مع هذه المقترحات. وسوف يُوزَّع من خلال موقع “قنّشرين” الإلكتروني عند الانتهاء منه.
• سوف تقوم بعض كنائسنا السريانية في السويد بتطبيق المرحلة الأولى (أي بمشاركات قليلة) من ملفّ القدّاس الإلهي PowerPoint المتوفّر لديها حاليّاً، وسوف يتم إعلامنا بسير العمل وكذلك بالصعوبات التي تواجهها.
• بعد عامين من البدء ولضمان نقل المشاركة إلى الأجيال القادمة، وفهم معاني ما يتمّ ترداده، وأيضاً لزرع الرغبة في تعلّم اللغة السريانية، يتمّ تدريب الأطفال (أحدية الكنيسة مثلاً) والشبيبة (أخويات الكنيسة) على بعض المقاطع المبسّطة والمخصّصة للشعب، قراءة وكتابة باللغة السريانية مع فهم معانيها. وفي مرحلة ثانية يتمّ تدريبهم على مشاركات جديدة. بهذا نشجّع الناشئة على المشاركة الجادّة في القدّاس الإلهي، وفهم مراحله وأجزائه، ما يسهم في منفعتهم الروحية الحقيقية.
• يمكن تعديل هذه المقترحات بما يتناسب مع المقترحات المقدّمة من بطريركية السريان الأرثوذكس (اللجنة الليتورجية) عند ورودها مستقبلاً. وذلك في ما يخصّ انتقاء نصوص المشاركة والألحان الموافقة لها، لغاية تعميم تطبيقها على كنائسنا السريانية.
الشكر لكلّ مَن ساهم معنا في إعداد هذه الدراسة من رجال دين وعلمانيين، وكلّنا أمل في نجاح هذا المشروع بالتعاون بين الإكليروس والشمامسة والشمّاسات والمجلس الملّي ولجان الكنيسة والشعب أيضاً.
والربّ هو الموفّق.
بيير جرجي
قنشرين
2022-08-22
ملف PowerPoint
لطباعة المقترحات:
هذا وبتاريخ 2022-09-01 أجرت فضائية SUBORO TV اللقائين التاليين حول كيفية استعادة المؤمنين دورهم بالمشاركة الجماعية في القداس الإلهي
اللقاء الأول مع نيافة الحبر الجليل مار سويريوس روجيه أخرس النائب البطريركي للدراسات السريانية.
اللقاء الثاني مع السيد بيير جرجي مؤسس ومدير موقع قنشرين – المهتم بالشأن الكنسي والسرياني.
أكثر من رائع. نتمنى يتحقق هالشي . لانو ولادنا بدات تبتعد بشكل فعلي عن الكنيسة. الله يبارك تعبكم
مهما تقدمنا وفُتِحت أمامنا طرق النجاح، ووصلنا لكل ما نحلم به، علينا أن نتذكر من كان سبباً في نجاحنا من ساندنا، وأمسك بيدنا للاستمرار في طريقنا للنجاح والتقدم، هم الذين من وجودهم خُلِق النجاح، والإبداع، فمهما عبرنا لهم، فالكلمات قليلة بحقهم، فمن واجبنا أن نقدم لهم التقدير، والشكر، والاحترام.
الى الامام الرب يزيد من امثالكم.
أن مشاركة المؤمنين والمؤمنات في القداس الإلهي هي الأساس والأصل ومن المهم العودة لهذه المشاركة عن قريب انشالله .. ولكن هناك صعوبة أخرى تقف عائقا لتحقيق ذلك غير الذي تفضلتم بذكرها ألا وهي قلة عدد روّاد الكنيسة من الشباب المؤمنين في بعض كنائسنا في أوروبا الأمر الواجب معالجته..
فكرة حلوة كتير و نتمنى ان تتم تطبيقها بجميع الكنائس السريانية في اوروبا… لأننا محتاجين لفهم القداس.. ربنا يبارك خدمتكم
اشكرك استاذ بيير على هذه الدراسة المستفيضة. وهي بالحقيقة قابلة للتنفيذ وأدواتها متوفرة . آمل أن يتحقق ذلك ونحقّق الهدف الأسمى من تواجدنا في الكنيسة وهو تواصلنا مع الرب من خلال مشاركتنا الحقيقية في القداس الالهي وفي الصلاة الجماعية.
الله يبارك على جهدكم الكبير.
نتمنى ان ينجح . كلنا شوق حتى نعيش الكلمة اكتر . شكرا
المقترح كان يُعمَل به منذ زمان ليس ببعيد، حتى تم تفعيل الكورال الكنسي لسحب المهمة لكي يكون الصوت مناسباً وغير منقود للاشتراك أصحاب الأصوات الغير مناسبة والعالية في القداس وعدم الإستماع للتنبيهات بسبب النشاز الذي يبدر عنهم، لذلك تم تفعيل الكورال لتعليمهم أصول الترتيل بأصوات خافتة ومناسبة وجميلة.
هل سيتم الموافقة على المقترح من قبل الاكليروس؟ أو من الكورال الكنسي؟ أو حتى من قبل ال شمامسة؟